هل العمل يسبق العلم، عادةً ما ترتبط المفاهيم والاعتقادات في بعضها البعض، كما انها تقوم على أساس علاقة تكاملية تُساعد في الوصول إلى آراء سديدة وطُرُق سليمة ومُمنهجة لأي آلية مطروحة، كالعمل والعلم فهما المفهومان الأكثر تداولاً بين الناس في كافة الأوقات، فالبعض ما يدعو إلى العمل أولاً في حين أن البعض الآخر يدعو إلى العلم، فهو الأساس الذي يقوم عليه العمل باعتقادهم مما يجعل المسألة الشائعة هل العمل يسبق العلم تأخذ حيّزاً كبيراً في حياة الناس، ومنهم ما يربطها في الدين الإسلامي الذي تحدَّث في هذا الأمر من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
العلم والعمل في الإسلام
قام الدين الإسلامي بتوضيح مسألة هل العمل يسبق العلم من خلال أدلة دينية متواجدة سواء في القرآن الكريم أو السُّنة النبوية، وقال تعالى في كتابه الكريم: “فاعلم أنه لا إله إلَّا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعمل متقلَّبكم ومثواكم”.
حيث أوضحت هذه الآية الكريمة أن العلم هو الأساس الذي يقوم عليه العمل من خلال العلم أولاً في أن الله تعالى هو الإله وحده لا شريك له، فالوصول إلى هذه القناعة يجعلك تعمل على الاستغفار من ذنوبك التي قمت بها إلى الله عز وجل فقط فهو القادر على غُفران ذنوبك وإعطاؤك ما تُريد في الدنيا والآخرة.
العمل يسبق العلم صح ام خطا
لا يختلف العلم الديني عن الدنيوي أو العمل الديني عن الدنيوي، فكله علم وكله عمل، يبتغي فيه الفرد مرضاة الله عز وجل في الدنيا والآخرة، فحتى الأعمال الدنيوة يجب أن تُقام على أُسس مُمنهجة ومُتقنة وقال رسول الله -صلَّ الله عليه وسلَّم-: “إن الله تعالى يُحِب إذا عمل أحدكم عملاً أن يُتقِنه” وهذا دليل على أن الأعمال كُلها واحدة عند الله عز وجل، فحتى إتقانك العمل الدنيوي وتفانيك فيه يكون له أجر عظيم، وذلك يُحلل قرشك ورزقك من هذا العمل، لذلك فإن العمل والعلم تربطهما علاقة تكاملية ويقوم كله على الأساس الذي يسبقه، أما سؤال هل العمل يسبق العلم فإجابته في التالي.
دليل على وجوب العمل بالعلم
انتشر سؤال هل العمل يسبق العلم بين الطلبة الذين يدرسون العقيدة الإسلامية في منهاج التربية الإسلامية، وذلك من أجل معرفة حل السؤال وهو:
- السؤال: هل العمل يسبق العلم؟
- الإجابة: لا، العلم هو من يسبق العمل.
والدليل على أن العلم يسبق العمل هو الآية الكريمة التي ذكرناها مُسبقاً، حيث طلب الله عز وجل من الإنسان أن يعلم قبل أن يعمل، كما أن العمل المُتقَن في قول رسول الله -صلَّ الله عليه وسلَّم-: “إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يُتقِنه” يُبين مدى أهمية العلم قبل العمل، فلا يُمكِن للفرد أن يعمل شيئاً بإتقان دون أي يحمل الكم الكافي من العلم له.
العمل بالعلم لا علاقة له تصحيح الاعتقاد
لو نظرنا إلى سؤال هل العمل يسبق العلم بإمعان شديد لعرفنا أن الإجابة “لا” بكُل سهولة، وإنما العمل يتبع العلم في شتَّى الحالات، كما أن اعتقاد الكثير من الناس بأن العلم ليس له علاقة بالعمل هو اعتقاد خاطئ، والأسباب كثيرة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، لو كُنت مُهندساً معمارياً وقُمت بتأسيس مبنى معماري على أحدث طراز، هل يُمكِن للطبيب أن يفعل مثله؟ بالطبع لا، لأنها مهنتك التي تعلَّمتها، ولا يستطيع أحد غيرك وغير المُتخصصين بها أن يقوموا بتأدية نفس الدور إطلاقاً.
العلم والعمل به
إن الدَّليل المادي على أن سؤال هل العمل يسبق العلم خاطئ هو أن الفرد لا يُمكِن أن يعمل في شيء مهما بدا له بسيطاً دون علم، حتى ولو كان رأي هذا العلم أمامه، فإن السَّبب الرئيسي في معرفة علم شيء ما هو العمل به في المُستقبل، لذلك لا يُمكِن على العامل أن يُطبق شيئاً دون علم، حتى ولو كان العمل بسيطاً جداً، فيجب أولاً أن تتعلَّم طريقة تأديته.
مما لا شك فيه أن العلم لا يقتصر على الدراسة المدرسية والجامعية فقط، بل إنه مُرتبط بالعمل الذي تُريد القيام به، فمثلاً لو كُنت غير مُتفوق في دراستك، وأردت أن تعمل كبائع ملابس -على سبيل المثال لا الحصر- يجب عليك أولاً أن تتعلَّم كيفية الحديث مع العُملاء، ومن ثم تتعلَّم أسعار الملابس، ومن ثم تتعلَّم كيفية إقناع المُشتري بالمُنتج، فلولا كُل هذه العلوم لن تستطِع أن تبيع قطعة واحدة، وقِس على ذلك كافة الأعمال في الدنيا.