قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع الصبية الصغار تدل على صفة، الرسول صلى الله عليه وسلم كان حنون يحث دائما على العدل بين الناس كما انه أوصى جميع أمته بهذا الصفات التي تكون كالرفق بالإنسان وعد أكل مال اليتيم وغيره كما حث ايضا على الرفق بالحيوان لأنه أيضا من مخلوقات الله عزوجل فهي لها حق على هذه الأرض، والصاحبة الكرام اتخذوا منهج وصفات الرسول صلى الله عليه وسلم، فمن الصحابة الذي سوف نتحدث عنه الصحابي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.
عمر بن الخطاب
ولد رضي الله عنه بعد حادثة الفيل بثلاث عشرة سنة، واسمه عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزّى القرشيّ العدويّ، فمن صفاته الخَلقية أنّه كان رجلاً طويل القامة، عريض المنكبين، أبيض مشرّباً بالحُمرة، مفتول الساعدين، أسلم بعد دعاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال: (اللَّهمَّ أعزَّ الإسلامَ بأحبِّ هذينِ الرَّجُلَيْنِ إليكَ: بأبي جَهْلٍ أو بعُمرَ بنِ الخطَّابِ)، فهو كان أول من جهر بالإسلام في مكة، وكان إسلامه فتحاً وعزةً للمسلمين، كما أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (ما زلنا أعزّة منذ أسلم عمر)، وما يدل على عظيم فضله، قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لو كانَ بَعدي نبيٌّ، لَكانَ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ).
فهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، فقد كان عمر رضي الله عنه من أعلم الصحابة، وأفقههم، حيث إنّ القرآن الكريم وافق رأيه في عدد من المواقف؛ منها: رأيه في أسرى بدر، وعدم الصلاة على المنافقين، ورأيه في اتخاذ مقام إبراهيم مصلّى، كما كان الصحابة الكرام رضي الله عنهم يرون أنّه ذهب بتسعة أعشار العلم، وعرف أيضا أنّه تولّى الخلافة في العام الثالث عشر للهجرة، وكان ذلك بعد وفاة أبي بكر الصديق، وفتح الله -تعالى- على المسلمين في عهده، فسقطت دولتي الروم وفارس، فمن شدة زهده و ورعه وتقواه لله -تعالى- كان يقول: (لو أنّ بغلة عثرت في طريق العراق، لخشيت أن يسألني الله عنها يوم القيامة).
عدل ورحمة عمر بن الخطاب مع الرعية
الرعية هم عِبَاد الله، وحق على كل من تولى أمرهم أن يحسن إليهم ويرعى أمورهم ويقضي حوائجهم، وقد قام الفاروق بذلك قيامًا حسنًا، واجتهد في الوصول إلى تلك البغية اجتهادًا شديدًا، ان ذكر العدل ارتبط بذكر عمر الفاروق رضي الله عنه وأرضاه، وهذا يدل على ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ اللَّهَ جعلَ الحقَّ على لسانِ عمرَ وقلبِهِ)، فمن القصص التي رويت عن عدل عمر رضي الله عنه، هي كالآتي:
بعد أن أسلم جبلة بن الأيهم، وكان أحد ملوك الغساسنة، كتب إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ليستأذنه بالقدوم إلى المدينة، ففرح عمر بإسلامه وقدومه، فأتى إلى المدينة المنورة، واستقبله عمر أحسن استقبال، ثمّ أراد أن يحجّ، وبينما هو يطوف بالبيت، داس رجل من بني فزارة على إزاره فحلّه، فغضب جبلة لذلك، فضرب الرجل الفزاريّ ضربةً هشّمت أنفه، فذهب الفزاريّ إلى أمير المؤمنين، واشتكى إليه ممّا حدث، فأرسل عمر بطلب جبلة، فلمّا حضر سأله عن ذلك الأمر، فأقرّ به، فقال له: (وما دعاك يا جبلة أن تهشم أنف أخاك)، فأجاب بأنّه قد ترفق بذلك الفزاريّ كثيراً، ولولا حرمة البيت لضرب عنقه، فقال له عمر: (بما أنّك قد أقررت، فإمّا أن ترضي الرجل، وإمّا أن أقتصّ منك)، فتعجّب جبلة، وقال: كيف ذلك وأنا ملك وهو سوقة، فقال له عمر: (إنّ الإسلام سوّى بينكما)، فطلب جبلة منه أن يمهله ليفكر بالأمر، فأمهله عمر رضي الله عنه، فهرب من المدينة وارتدّ.
أن رجلاً من أهل مصر تسابق مع ابن عمرو بن العاص رضي الله عنه، فلمّا سبق المصري، ضربه ابن عمرو بن العاص بالسوط، وقال أنا ابنُ الأكرمِينَ، فذهب ذلك المصري إلى عمر بن الخطاب، واشتكى له الأمر، فأرسل عمر كتاباً إلى عمراً يأمره بالقدوم إليه، وإحضار ابنه معه، فلمّا وصلوا إليه قال أمر المصري بأخذ السوط، وضرب ابن الأكرمين، فأخذ المصري السوط، وضربه ضرباً موجعاً، ثمّ قال له ضع السوط على صلعة عمرو، فقال المصريّ يا أمير المؤمنين إنّما ابنه الذي ضربني وقد استقدت منه، فقال عمر لعمرو: (منذ كم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)، فقال عمرو: (يا أمير المؤمنين لم أعلم ولم يأتني).
كما كان الفاروق يمر في الطرقات، ويدخل إلى الأسواق ليتعرف على أحوال الرعية، ويختبر أحوالهم ويقضي حوائجهم.
وفي البخاري بسنده عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَى السوقِ، فَلَحِقَتْ عمر امرأَة شَابة، فَقالَت: يَا أَمير الْمُؤمِنِينَ، هَلَك زوجي وتَرك صبية صِغَار، وَاللَّه ما ينضجون كُراعًا وَلا لَهم زرع ولا ضرع، وخشِيت أَن تَأْكُلهم الضبع، وَأَنَا بنْتُ خُفَاف بْن ايماء الْغِفَارِيِ، وقد شهد أبي الحديبية مَعَ النبي ، فَوَقَف معها عمر وَلَم يمضِ، ثُم قَالَ: مرحبا بِنسَب قَريب. ثُمَّ انْصَرَفَ بعدها إِلَى بعير ظَهيرٍ كَانَ مربُوطًا فِي الدَارِ فحمل عليه غرارتين ملأَهما طَعامً، وَحَمَلَ بَيْنَهُمَا نَفَقَةً وَثِيَابًا، ثُمَّ نَاوَلَهَا بِخِطَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: اقْتَادِيهِ فَلَنْ يَفْنَى حَتَّى يَأْتِيَكُمُ اللَّهُ بِخَيْرٍ. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَكْثَرْتَ لَهَا. قَالَ عُمَرُ: تكلتك أُمُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لأَرَى أَبَا هَذِهِ وَأَخَاهَا قَدْ حَاصَرَا حِصْنًا زَمَانًا فَافْتَتَحَاهُ ثُمَّ أَصْبَحْنَا نَسْتَفِيءُ سهمانهما فِيهِ.
قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع الصبية الصغار
قال اسلم مولى عمر بن الخطاب خرجتُ ليلة مع عمر إلى حرة ( وهو المكان الممتلئ بالصخور والذي يصعب المشي عليه ) وأقمنا حتى إذا كنا بصرار فإذا بنار فقال يا اسلم ها هنا ركب قد قصر بهم الليل انطلق بنا إليهم فأتيناهم فإذا امرأة معها صبيان لها وقدر منصوبة على النار وصبيانها يبكون فقال عمر السلام عليكم يا أصحاب الضوء ( وهذا من أدبه رضي الله عنه فلم يحب إن يقول لهم السلام عليكم يا أهل النار ) قالت وعليك السلام قال ادنو قالت ادن أو دع فدنا فقال ما بالكم قالت قصر بنا الليل والبرد قال فما بال هؤلاء الصبية يبكون قالت من الجوع فقال وأي شيء على النار قالت ماء أعللهم به حتى يناموا فقالت الله بيننا وبين عمر فبكى عمر ورجع يهرول إلى دار الدقيق فاخرج عدلا من دقيق وجراب شحم وقال يا اسلم احمله على ظهري فقلت إنا احمله عنك يا أمير المؤمنين فقال أأنت تحمل وزري عني يوم القيامة فحمله على ظهره وانطلقنا إلى المرأة فألقى عن ظهره ووضع من الدقيق في القدر وألقى عليه من الشحم وجعل ينفخ تحت القدر والدخان يتخلل لحيته ساعة ثم انزلها عن النار وقال اتني بصحفه ( وهو ما يوضع فيه الأكل ) فأتى بها فغرفها ثم تركها بين يدي الصبيان وقال كلوا فأكلوا حتى شبعوا والمرأة تدعوا له وهى لا تعرفه فلم يزل عندهم حتى نام الصغار ثم أوصى لهم بنفقة وانصرف ثم اقبل علي فقال يا اسلم الجوع الذي أسهرهم وأبكاهم.
وبهذا نكون قد توصلنا الى حل السؤال السابق وهو قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع الصبية الصغار تدل على صفة وهي الرحمة.