اذكر دليلين عقليين على إمكان البعث، جميع المسلمون يؤمنون بالبعث الذي يكون في يوم القيامة، ويكون ذلك بأنّ الله سبحانه وتعالى سيبعثه ويحشره ويحاسبه على أعماله في الدنيا ويُثيبه عليها أو يعاقبه؛ لأنّ ذلك ثابت بالقرآن الكريم، والسنّة النبوية، ولا يمكن أن يقبل العقل والفطرة السليمة عدم وجوده، والقيامة الكبرى من الأمور التي أخبر عنها جميع الأنبياء أُمَمَهم، والتي حدثنا عنها رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، واليوم ف مقالنا هذا سوف نتحدث عن البعث.
اذكر دليلين عقليين على إمكان البعث؟
الاجابة الصحيحة هي:
ان الله خلقنا اول مرة من العدم قادر على اعادتنا مرة أخرى.
ان الله الذي احيا الارض بالنباتات بعد موتها وهمودها قادر على احياء الناس بعد موتهم.
تعريف البعث
يعرف البعثُ لغةً على أنّه الإرسال والإحياء، أمّا اصطلاحاً فهو إعادةُ إحياء الله تعالى للناس من قبورهم بعد موتهم، والبعث يرتبطُ ارتباطاً وثيقاً بالجزاء، والذي يُعرَّف اصطلاحاً على أنّه ما سيتلقاه العباد يوم القيامة من عذاب مقيم، أو النعيمٍ الدائم في الجنة.
كما ان عقيدةُ البعث تعتبر من المعتقدات الدينيّة الهامة والتي ساهمت في تغيير الإنسان من الناحية السلوكية والفكرية فقد اصبحَ الإنسان بفضلِ هذه العقيدة أكثر وعياً وحكمةً، وأكثر تفاؤلاً، والأمر الذي انعكس على سلوكِه انه اصبح يحسبُ الحساب لكل خطوة سيخطوها خلال حياته.
البعث في الشريعة الاسلامية
ان الإيمان باليوم الآخر يعتبر أحدَ أركان الإيمان المتواجد في الديانة الإسلامية، حيث ان هذا الإيمان يشمل على الإيمان بأنّ الله تعالى باعث الناس بعد موتهم للحساب، وان الجميعَ سينالون جزاءهم عمّا كانوا يفعلونَ في دنياهم من خير او شر، ومن هنا فإنّ هذا الإيمانَ يدلُّ بالضرورة على إيمان الإنسان بحكمة الله تعالى وقدرته اللّامحدودة والتي لا تعد ولا تحصى.
كما ان هناك نصوصُ ادينية إسلاميّة أشارت بشكل واضح إلى اليوم الآخر، وما يصاحبه من بعث وجزاء، فمن الادلة على ذلك في قوله تعالى: (وَأَقْسَمُوا بِاَللَّهِ جَهْد أَيْمَانهمْ لَا يَبْعَث اللَّه مَنْ يَمُوت بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَر النَّاس لَا يَعْلَمُونَ) ، وايضا في قوله تعالى قوله تعالى: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) .
أهمية الايمان بالبعث
ان للبعث في الايمان اهمية عظيمة وكبيرة فمن هذه الاهمية هي كالآتي:
الاستقامة في الدنيا وذلك من خلال اتباع أوامر الله تعالى والبعد عن نواهيه، فالأعمال هي التي تدل الشخص الجنة او النار.
تعامل الناس مع بعضهم البعض بأخلاقٍ الرفيعة التي حثنا عليها رسولنا الكريم، وضمن الأطرِ الدينيّة، فبذلك يقلل من الجرائم بكافة أنواعها، وينشئ مجتمعات لديها خوف من الله تعالى ومن عقابه.
إدخال الراحة إلى نفوس جميع المظلومين من الذين لم يتسنَّ لهم نيلُ حقوقهم في الدنيا؛ وان الله عزوجل لم يضيع حق مظلوم بل سيرجعه له اما في الدنيا او يوم يبعثون.
إيجاد الأجوبة على العديدِ من التساؤلات التي قد تعترض عقلَ الإنسان، والتي قد تودي به إلى انحرافات خطيرة إن لم يجد أجوبة شافية عنها.
ايضا اضافة معنى عميق على حياة الإنسان، من خلال بثّ التفاؤل، والصبر في نفسه خاصّة إن ألمَّت به المصائب.
كيف نبعث يوم القيامة
نبع يوم القيامة اولا يكون النفخ في الصور وهو أوّل ما يسمعه الناس بعد انتهاء علامات الساعة الكبرى، وهي نفخة مفزعة لكل من يسمعها، والدليل في قوله تعالى-: (فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ)، فقد فسّر ابن عباس هذه الآية بأنّ الناقور هو الصور وقال: إنّ النفخة الأولى فيه تسمّى الراجفة، والنفخة الثانية تسمّى الرادفة، أمّا الصور الذي ينفخ فيه فحقيقته من الغيب، وكل ما يُعرف عنه أنّه بوق يُنفَخ فيه، وذلك ايضا لما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه جاءه أعرابيٌّ (قالَ: ما الصُّورُ؟ قالَ: قرنٌ يُنفَخُ فيهِ)،ثم بعد النفخة الثانية يموت كل من تبقى على سطح الارض من شِرار الخلق، كما انهم يموتون من في السموات إلّا من شاء الله.
ثم بعد ذلك يأمر الله -تعالى- بالنفخة الثالثة التي يقوم فيها الناس لرب العالمين، في قوله -تعالى-: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّـهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ)، حيث قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (ما بيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أرْبَعُونَ قالَ: أرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قالَ: أبَيْتُ، قالَ: أرْبَعُونَ شَهْرًا؟ قالَ: أبَيْتُ، قالَ: أرْبَعُونَ سَنَةً؟ قالَ: أبَيْتُ، قالَ: ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيَنْبُتُونَ كما يَنْبُتُ البَقْلُ، ليسَ مِنَ الإنْسانِ شيءٌ إلَّا يَبْلَى، إلَّا عَظْمًا واحِدًا وهو عَجْبُ الذَّنَبِ، ومِنْهُ يُرَكَّبُ الخَلْقُ يَومَ القِيامَةِ)، ولا يعرف هل المدّة المقصودة بالحديث هي المدة بين نفخة الصعق ونفخة الفزع الأولى، أم بين نفخة الصعق والنفخة الثالثة؛ نفخة قيام الناس والحديث الشريف لم يوضح لنا المقصود بالأربعين هل هي تكون أربعين سنة أم شهر أم يوم، فقد ذهب النووي إلى أنّها أربعين سنة، ونفى ابن حجر ذلك.
ثم بعد ذلك ينزل ماء من السماء فينبت الناس من الأرض كما ينبت الزرع، ويكون قد بلي الإنسان وأصبح تراباً إلّا عظمة عَجْب الذنب، وهي عظمة صغيرة بحجم حبّة الخردل تقع عند رأس الذنب في المخلوقات ذوات الأطراف الأربعة، وهي العظمة التي يركّب منها الخلق يوم القيامة، مع أنّ الله -تعالى- الذي خلق من العدم يستطيع أن يعيد الخلق من العدم لكنّه اختار أن يعيدهم من هذه العظمة لسرّ في علمه.
فقد ورد ذكر هذه العظمة في أحاديث أخرى منها قوله -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ ابْنِ آدَمَ يَأْكُلُهُ التُّرابُ، إلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ منه، خُلِقَ وفيهِ يُرَكَّبُ)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ في الإنْسانِ عَظْمًا لا تَأْكُلُهُ الأرْضُ أبَدًا، فيه يُرَكَّبُ يَومَ القِيامَةِ قالُوا أيُّ عَظْمٍ هُوَ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: عَجْبُ الذَّنَبِ)، وعرَّف النووي عَجب الذنب بأنّه: “العظم اللطيف الذي في أسفل الصلب وهو رأس العصعص ويقال له “عَجْم” بالميم”، فهو أوّل عظم ينشأ عند خلق الإنسان، وهو الذي يبقى منه بعد موته ليعاد تركيبه منه يوم القيامة، وهذا يكون منطبقا على جميع الخلق ماعدا الأنبياء لأن أجسادهم لا تأكلها الأرض؛ فهي لا تبلى.
كما قيل ايضا أنّ بعد نفخة الصعق يحدث اختلال كونيّ عظيم؛ حيث تختل دورة الكواكب وبالتالي تزلزل الأرض وتخرج عن اتزانها، وتتناثر الجبال، وتدكّ هي والأرض ليُسوى عاليها بسافلها؛ كما في قوله تعالى: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ*وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً * فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ) صدق الله العظيم.